منتديات الرسالة بالصحراء الغربية منبر للحوار الهادف والبناء وتبادل للمعارف والافكار

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات الرسالة بالصحراء الغربية منبر للحوار الهادف والبناء وتبادل للمعارف والافكار

منتديات الرسالة بالصحراء الغربية منبر كل الصحراويين الاشراف االعام: حمه المهدي البهالي


    وجها لوجه مع محمد ياسين المنصوري (رئيس جهاز الاستخبارات المخزنية)

    avatar
    anuar
    زائر


    وجها لوجه مع محمد ياسين المنصوري (رئيس جهاز الاستخبارات المخزنية) Empty وجها لوجه مع محمد ياسين المنصوري (رئيس جهاز الاستخبارات المخزنية)

    مُساهمة  anuar السبت أكتوبر 09, 2010 8:37 am

    المخابرات المغربية وحروبها السريّة على الجزائر(6)
    وجها لوجه مع محمد ياسين المنصوري (رئيس جهاز الاستخبارات المخزنية)
    الحلقة السادسة بقلم: أنور مالك
    يواصل الكاتب في هذا الجزء من دراسته تفكيك محاولات المخزن لاستعمال ملفي التعذيب وحقوق الإنسان والنفخ في مؤامرة "من يقتل من؟" ضد الجزائر، فالمغرب، حسب الكاتب، لا يجد ردّا على ما ثبت في الصحراء الغربية من انتهاكات جسيمة إلا بتوجيه أصابع الاتهام للجزائر، واللعب على أوتار مختلفة لا قبلها المنطق في أغلب الأحيان.

    ملف المفقودين والتعذيب والمجازر1-

    من بين ما عملت المخابرات المغربية من أجل بعثه للواجهة وعلى أعلى المستويات، هو الملف الشائك المتعلق بالمفقودين، حيث أن بعض العائلات وخاصة تلك التي تأكدت من التحاق ذويهم بمعاقل الجماعات المسلحة، ترفض الاعتراف بذلك حفاظا على وجه الأسرة وتاريخها، حتى لا تتلطخ بالإرهاب الذي يعتبر من الأمور المشينة التي يلفظها المجتمع الجزائري، كما توجد عائلات أخرى تنضوي تحت جمعيات يرعاها لوبي الأممية الاشتراكية في فرنسا وغيرها، وهذا لا ينفي أنه يوجد ضحايا أبرياء من حق الدولة عليهم أن تكشف لهم مصير ذويهم.


    فقد أفادت بعض المصادر، أن مغاربة ينشطون تحت عناوين مختلفة يلعبون دورا فعالا في إثارة هذا الملف، بل إنهم يخترقون بعض الجمعيات التي تنشط في مجال حقوق الإنسان، وهذا من أجل التركيز على المفقودين والتعذيب والمجازر الجماعية التي استهدفت المدنيين خلال العشرية السوداء. وقد علمت من خلال علاقاتي الواسعة مع بعض المنظمات والنشيطين في مجال حقوق الإنسان، أن تقارير دورية كثيرة أصدرتها حتى الخارجية الأمركية حول واقع حقوق الإنسان في العالم العربي، قد جرى الاعتماد على مغاربة لديهم علاقاتهم الواسعة مع دوائر غير حكومية.


    حتى ما يعرف بالمرحّلين المغاربة من الجزائر وبغض النظر عن طبيعتها، فقد شاب الأمر ما يثير الكثير من الشبهات ونقاط الظل، وخاصة أنني تواصلت مع بعضهم في أوروبا وتأكد لي أن القضية لا تتعلق أساسا بأزمة هؤلاء التي لا تزال مستمرة في المغرب، بل أنه يراد توجيهها نحو ما يخدم أجندة القصر التي تعمل على إحراج الجزائر حقوقيا وفق منظور استخباراتي يروم نحو تفادي الضربات الموجعة التي يتلقاه بسبب الكتاب الحقوقي الأسود في الصحراء الغربية.

    ألاعيب سياسية على مقاس الشيطان

    بغض النظر على كل ما تقدم، وهو في حد ذاته مثير ويفتح أفق مشبوه على ما تقوم به المخابرات المغربية من أجل الضغط على الجزائر أو إرضاخها لمنطق الإحراج أمام المجتمع الدولي، حتى تتخلّى مجبرة عن دعم الصحراويين في تقرير مصيرهم. إلا أنه بحكم تجربتي اكتشفت ألاعيب سياسية قذرة يقوم بها الجهاز المغربي من أجل الوصول إلى غايته، ويمكن أن ندرج في هذا الإطار بعض الأمور.

    ومما يمكن تسجيله هنا أن المنصوري نصحني بأن أساعد الأشخاص الذين أعرف من أجل تقديم شكاوى ضد الجزائر في الأمم المتحدة، وخاصة تلك التي تتعلق بالتعذيب والاعتقال التعسفي والمفقودين.


    1 - تجنيد المعارضين وتأليبهم والترويج لإشاعات مغرضة:

    يراهن المخزن كثيرا على ما تسمى "المعارضة الجزائرية في الخارج"، وذلك من أجل تنشيط جبهة الرفض للموقف الجزائري تجاه قضية الصحراء الغربية، لأنه يعلم أن هؤلاء الذين يعارضون كل شيء لا يمكنهم أن يساندوا النظام في دعمه للصحراويين، وطبعا من يفكّر بهذه الطريقة فهو أحمق.

    وإضافة إلى ما تمّ الحديث عنه فيما يخص استدراج الأصوات المنتقدة للوضع في الجزائر، من أجل توريطها في مناهضة الموقف الثابت من قضية الصحراء الغربية، فإننا نؤكد على أن المخابرات المغربية تسعى من أجل جلب الأسماء ذات المصداقية أو الوزن الثقيل، حتى وإن لم تصرح بموقف مناهض حفاظا على مصداقيتها إن وجدت، إلا أنها تضعها تحت تصرفها في إطار النقد الحقوقي أو اللعب على أوتار أخرى كمسألة الحدود المغلقة وإتحاد المغرب العربي والعلاقات بين الشعبين.

    وفي هذا السياق أذكر أن آخر تواصل حدث معي هو اللقاء الذي جمعني بطريقة مشوبة بالمغالطة، مع مسؤولين في المخابرات المغربية لما زرت مدينة آسا في أفريل الفارط، في إطار فعاليات ندوة حول حقوق الإنسان في مخيمات تندوف، وقد وصلت إلى أكادير على الساعة الثالثة من صباح 22 أفريل، وبعدما أخذت قسطي من الراحة اتصل بي المدعو رضا طوجني، رئيس ما يسمى "جمعية الصحراء المغربية" ومدير نشر صحيفة "الصحراء الأسبوعية"، وقد دار الحديث في أشياء عمومية في أغلبها تتعلّق بجمال مدينة أكادير والسياحة في المغرب وأشياء أخرى، وبعد حوالي ساعة افترقنا على موعد أن يرسل لي سائقه الشخصي من أجل قضاء أغراض شخصية من سوق المدينة، بعدما تأخر وصول حقيبتي من الدار البيضاء، حيث شهد مجال الطيران حينها اضطرابات بسبب بركان إيسلندا.

    عدت إلى غرفتي، وفي حدود الساعة 11 صباحا اتصل بي هاتفيا موظف الاستقبال، ليخبرني من أنه يوجد ضيوف يودون رؤيتي، وعندما أردت معرفة أسمائهم أخبرني أنهم من طرف رضا طوجني. نزلت إليهم فوجدت 4 أشخاص في انتظاري، وكانوا يلبسون بدلات وربطات عنق وملامحهم توحي أنهم من المسؤولين في الدولة المغربية. سلمت عليهم وقدموا لي أنفسهم على أنهم إطارات في الولاية، طلبت منهم أن يتفضلوا في صالون الفندق، وهو ما لبّوه دون تردد. وقد قدم لي أحدهم على أنه اسمه أحمد وهو عقيد في الأمن، وأنه أرسل خصيصا من طرف والي المنطقة، ولما استفسرت في بداية الحديث عن الموضوع أخبروني أنه يودّ إستقبالي والتعرّف عليّ فقط والترحيب بي، حتى أن العقيد أحمد قال: "لابدّ أن نرحب بكاتب كبير يزور أوّل مرة وطنه المغرب".

    كنت على يقين أن الأمر ليس كذلك فقط، لأنه من عادتي أن أنأى بنفسي عن مثل هذه المواقف التي قد تحسب لجهات ما، وهو الموضوع الذي لم يتمّ الاتفاق عليه من قبل، أوضحت لهم أن مهمتي محددة وأتفادى مثل هذه المواقف التي قد تحرجني وتسيء لي، بعد تردّد وإلحاح منهم وافقت على اللقاء، وكان الحس الصحفي لمعرفة الخفايا يسيطر عليّ، فأخرج أحدهم هاتفه الشخصي وأجرى اتصالا لم يتكلم خلاله إلا بجمل قصير وعابرة، وهي: "الأستاذ أنور مالك وافق على اللقاء". ليخبرني على أن الموعد سيكون على الساعة الثالثة من مساء ذلك اليوم، وأنه سيأتيني سائق خاص ليأخذني إلى المكان المقصود، فداعبت العقيد قائلا: "يبدو أنكم جهزتم السيارة التي ستنقلني عبر الحدود البرية لبلدي الجزائر"، فضحك وقال: "أنت لديك مكانة مرموقة ولا يمكن أن يؤذيك أحد هنا في بلدك المغرب"، فعلقت قائلا: "حتى بلدي لن تؤذيني أبدا".

    عدت إلى غرفتي ورحت أفكّر في الموضوع، وقد جالت في خاطري احتمالات الإيذاء أو التوريط في أشياء خطيرة، ولكن استبعدت الأمر، لأنه لا يمكن أن يحدث ذلك وأنا على التراب المغربي، كما أنني في نهاية المطاف صحفي والبحث في أغوار مثل هذه الأمور من أوجب واجباتي، وقد يقتضي الأمر المغامرة في أمور كثيرة، فضلا من كل ذلك أن الذي يريد رؤيتي هو الوالي وليس عيبا أن ألتقيه بحكم مهنتي.

    لقد طافت بي الوساوس في كل حدب وصوب، وفكرت أن أخبر رئيس الجمعية التي دعتني، إلا أنني فضلت أن أرضخ لطلبهم بأن لا أخبر أيا كان بالأمر سواء في المغرب أو أي جهة أخرى، وصممت على المضي قدما معهم للوصول إلى أسرار وخفايا ظللت أراها تحوم على شأن العلاقات الجزائرية المغربية وملف الصحراء الغربية، ولأنني شككت أن اللقاء ليس مع والي المدينة فقط، لأنه لو كان الأمر كذلك لاتصلوا برئيس جمعية الصحراويين الوحدويين، والذي افتتح له قافلته الوزير اليازغي.



    في الطريق إلى المنصوري

    قبل خمسة دقائق من الموعد اتصل بي عون الاستقبال بالفندق، وأخبرني أنه يوجد من ينتظرني، فنزلت ووجدت سائق السيارة، وكان في الخمسينيات من عمره على ما يبدو لي، حملني في سيارة من نوع "تويوتا" إلى حيث الموعد، ولم يكن سوى فيلا فاخرة لا تبتعد كثيرا عن الفندق الذي أقمت به، فتح لنا الباب الخارجي الضخم وكان في مركز المراقبة ثلاثة رجال في زيّ مدني، وبعد أمتار في طريق على جوانبه ورود وأشجار، توقفت السيارة قبالة بوابة ووجدنا العقيد أحمد وبرفقته شخصان آخران لم تسبق لي رؤيتهما، سلمت عليهم وأدخلوني بعدما مررت على جهاز سكانير مثبت حيث يقف بالقرب منه شاب طلب مني أن أضع كل ما في جيبي من أغراض "المحفظة، دراهم، هاتف، ساعة اليد... الخ"، إلا أن العقيد تدخّل معبرا له من أنني صديق حميم ولا داعي لإحراجي، غير أنه طلب مني غلق هاتفي المحمول وتركه معه، مبررا أنها إجراءات معمول بها، فعلت ذلك، بعدها مررت في الجهاز ومن دون أن ينبه على شيء، وهذا الذي أكّد لي أن المكان هو عبارة عن مقرّ رسمي للدولة وليس إقامة شخصية عادية.

    تقارير دورية كثيرة أصدرتها حتى الخارجية الأمريكية حول واقع حقوق الإنسان في العالم العربي، قد جرى الاعتماد على مغاربة لديهم علاقاتهم الواسعة مع دوائر غير حكومية.

    عبر رواق في حدود ثلاثة أمتار دخلت إلى بهو الفيلا وكانت مؤثثة بطابع راق إلى درجة كبيرة، ثم أدخلني إلى صالون ثاني، وطلب مني الجلوس والإنتظار لثوان فقط، فجلست على أريكة مذهبة وتحت ضوء خافت ينبعث من وراء ستائر توحي برهبة المكان. غادرني العقيد بخطوات مسرعة، أما أحدهم، فسألني عن المشروب الذي أرغب فيه، فاعتذرت عن ذلك، وعندما ألحّ فضلت كأس عصير تفاديا للإحراج.


    بعد فترة لم تتجاوز الخمس دقائق، عاد العقيد ومعه خمسة أشخاص، بدت لي ملامح الرجل المعني بلقائي من خلال تقدمه لهم وحتى نظراته المنصبّة عليّ، والمفاجأة غير المتوقعة أصلا بأنه لم يكن الوالي أو شخصا آخر، بل هو محمد ياسين المنصوري رئيس جهاز المخابرات المغربية، كما أن ملامحه غير غريبة عنّي فقد سبق ورأيته عبر بعض وسائل الإعلام، كان يسير أولهم وهم يتبعونه، سلم عليّ مرحبا بي في ما سماه بلدي الثاني المغرب، أما العقيد فراح يقدمه لي، وكان بالفعل كما تبادر لذهني، من أنه السيد ياسين المنصوري رئيس جهاز المخابرات المغربية، وأحد المقربين من الملك محمد السادس بحكم الزمالة في الدراسة التي جمعتهما من قبل.


    وإن كنت قد امتعضت من هذه الطريقة التي أتوا بها، وقد قلتها صراحة أنه من حقي أن أعرف مسبقا، إلا أن المنصوري أكّد لي أنه لأسباب أمنية فضلا من أنهم احتملوا رفضي للقاء، المهم أنني تناسيت ما حدث فقد صرت أمام الأمر الواقع، ورحنا نتبادل النقاش عن كثير من الأمور العامة، كما دار الحديث عن أحوالي وظروف الحياة في فرنسا، وأخبرني أنه يحترم قلمي وسبق له وأن شاهدني في بعض البرامج بالقنوات الفضائية، ليضيف بأنه طلب اللقاء من أجل التعارف بيننا بعدما أخفق اللقاء الأول في لشبونة، وأنه يحترم المعارضة الجزائرية في الخارج. كما حاول استدراجي للحديث عن تجربتي العسكرية، إلا أنني رحت أتحدث عن تلك المرحلة كماضٍ قد ذهب لحاله، وأن الأمور تغيرت على ما كانت عليه عندما كنت في المؤسسة العسكرية.


    حدثني أيضا عن الدعوى التي رفعتها ضد الوزير الأسبق وزعيم حركة "حمس" أبوجرة سلطاني بسويسرا، وأنه تابع فصول القضية وما أثارته من جدل، وعبّر عن تضامنه المطلق معي حتى استرجع حقوقي كاملة. ثم راح يشيد بكتابي "طوفان الفساد وزحف بن لادن في الجزائر" الذي أحدث ضجة وصادرته مصر، ووصفه بأنه جريء ومتميز، فأدركت لحظتها أن النسخة المطبوعة التي أرسلتها لمكّاوي وبرّادة كما سيأتي لاحقا، قد ذهبت إليه وليس للتوزيع كما زعموا.

    ليصل الحوار بيننا عن الشكوى المرفوعة لدى لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة بجنيف، وراح يحدثني عن أسماء المسؤولين الذين تمّ ذكرهم في الشكوى. وقد أبدى اهتماما بالغا بالأمر، وأشار بطريقة مبطّنة إلى أن تلك الشكوى لم تحدث من قبل، وإدانة الجزائر في جنيف هي تعني الكثير بالنسبة لحقوق الإنسان في العالم، وإن كان يؤكد بلسان حاله مدى أهميتها لدى المغرب، فجالت بخاطري ما رويناه من قبل عن السجالات التي تحدث من حين لآخر في جنيف بين سفير الجزائر ونظيره المغربي حول حقوق الإنسان في الجزائر والمغرب والصحراء الغربية.


    ومما يمكن تسجيله هنا أن المنصوري نصحني بأن أساعد الأشخاص الذين أعرف من أجل تقديم شكاوى ضد الجزائر في الأمم المتحدة، وخاصة تلك التي تتعلق بالتعذيب والاعتقال التعسفي والمفقودين... الخ. وقد حاولت أن اسأله في بعض الأمور وخاصة تلك التي تتعلق بالعلاقات بين البلدين، وقد كشف لي من أن الملك محمد السادس ممتعض كثيرا من غلق الحدود البرية، ومن جهة أخرى أشار إلى أنه يجب دعم الحكم الذاتي لوضع حد نهائي للنزاع، وبداية صفحة جديدة من العلاقات الثنائية.


    وأذكر أنني سألته بصراحة عن ما تروجه الصحف المغربية عما تسميها "الصحراء الشرقية"، فقد قال لي بالحرف الواحد: "هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها، هي أمر تاريخي ولدينا الأدلة على مغربية الصحراء الشرقية، ولكن نحن مستعدون لطي الصفحة بشرط أن توقف الجزائر دعمها للانفصاليين"، فقلت له: "وإن لم يحدث ذلك فماذا بوسعكم كدولة القيام به؟"، فأجاب قائلا: "نعمل الكثير وسنحرج الجنرالات بما نملك من ملفات عن قضيتنا وأيضا عن الإرهاب الدولي الذي ينطلق من الجزائر". ثم أردف قائلا: "نحن نحب الجزائر وشعبها ولكن نحب وطننا أكثر، وأقاليمنا الجنوبية مقدسة".

    المخابرات المغربية تسعى من أجل جلب الأسماء ذات المصداقية، حتى وإن لم تصرح بموقف مناهض حفاظا على مصداقيتها، إلا أنها تضعها تحت تصرفها في إطار النقد الحقوقي أو اللعب على أوتار أخرى كمسألة الحدود المغلقة وإتحاد المغرب العربي والعلاقات بين الشعبين.

    لقد كان يتحدث من دون احتراس وإن كان ظل يفضل العموميات على التفاصيل، ومن الأشياء التي يجب أن نشير إليها وهي التي تتعلق بالمفاوضات مع جبهة البوليزاريو التي يشارك فيها كممثل للمغرب، أكّد الرجل لي من أنها مناورة فرضتها عليهم الأمم المتحدة، وأنهم كدولة لا ينتظرون منها شيئا ولا يمكن أن يتنازلوا لصالح البوليزاريو ولو بقشة من الصحراء. وأذكر أنني سألته قائلا: "ماذا لو تفرض الأمم المتحدة استفتاء تقرير المصير عليكم؟"، أجاب قائلا: "لن تستطع أن تتجرّأ على ذلك، وإن فعلتها فلن تصل لشيء، لأن الصحراويين ذابوا في المغرب والمغاربة ذابوا في الصحراء". بل علّق على الأمم المتحدة بما لم أتصوره حيث قال: "الأمم المتحدة مجرّد هيكل شكلي لا روح فيه، تسيطر عليه القوى العظمى وعلى رأسها أمريكا، ونحن والحمد لله أمريكا معنا إلى النهاية، ومبعوثها الأممي إن لم يستقل في نهاية المطاف سيجد نفسه مجبرا على تنفيذ الحكم الذاتي الذي لا بديل عنه".


    أما عن الإعلام ودوره في المنطقة المغاربية، فقد أشار المنصوري وبحكم تجربته على رأس وكالة أنباء المغرب العربي الرسمية، من أن الصحف الجزائرية تثير فتنة، وما يأتي في الصحف المغربية هو مجرّد ردّ فعل فقط، أما الوكالة الرسمية فهي تنأى بنفسها حتى لا تتورّط في مثل هذه الأمور، وقد فاجأني عندما تحدث قائلا: "ألا تذكر ما حدث بين الجزائر ومصر، ألم يتورط الإعلام في ذلك.."، قاطعته قائلا: "لكن الإعلام المصري هو الذي تطاول على تاريخنا وثورتنا وقيمنا"، فردّ: "صحيح أن ما فعله الإعلام المصري هو مرفوض وندينه كمغاربة يربطنا تاريخ ثوري مشترك ولدينا شهداء سقطوا في أرض الشرف بالجزائر، ولكن أيضا الشروق تجاوزت الخطوط الحمراء"، قلت له: "الشروق كانت في موضع الدفاع مثلما قلت عن الصحف المغربية، وقد واجهت ترسانة فضائية رهيبة". ليعقب: "صراحة الشروق جريدة فتنة وهي تزعجنا إلى ما لا يمكن تصوره بمتابعاتها لقضيتنا الوطنية ولدعمها للانفصاليين".


    ثم أضاف: "يجب على السلطات في الجزائر أن توقف صدور الصحيفة أو تمنعها من التحدث في شأن العلاقات بين البلدين، حتى ننتهي من تصفيات كأس إفريقيا لأنها قد تثير فتنة بيننا". فقلت له: "أنا أكتب في الشروق منذ زمان، وأعرف طاقمها جيدا وهي ليست بهذا السوء الذي تتحدث عنه". ضحك وهو يقول: "أعرف أنها تنشر لك بعض مقالاتك، لكنها لا تنشر لك ما تكتب عن الانفصاليين وتريد أن تظهر من أنها جريدة الرأي والرأي الآخر فقط"، ثم أضاف: "الأمر في غاية الخطورة إن لم نتداركه قبل فوات الأوان".

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 10:16 pm