منتديات الرسالة بالصحراء الغربية منبر للحوار الهادف والبناء وتبادل للمعارف والافكار

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات الرسالة بالصحراء الغربية منبر للحوار الهادف والبناء وتبادل للمعارف والافكار

منتديات الرسالة بالصحراء الغربية منبر كل الصحراويين الاشراف االعام: حمه المهدي البهالي


    مكتبتنا الوطنية ومكتباتهم؟

    avatar
    tagui


    المساهمات : 1
    تاريخ التسجيل : 19/04/2010

    مكتبتنا الوطنية ومكتباتهم؟ Empty مكتبتنا الوطنية ومكتباتهم؟

    مُساهمة  tagui الإثنين أبريل 19, 2010 8:10 am

    المقال
    دياسبورا
    مكتبتنا الوطنية ومكتباتهم؟


    الكثيرون لا يعرفون بالضبط ما هو الدور المنوط بالمكتبة الوطنية؟ هل هي فضاء لممارسة التنشيط التي صبغتها طوال السنوات الماضية، وأفرغتها من وظيفتها الجوهرية؟ هل هي سلسلة من النوادي الأدبية والموسيقية والفلسفية، والحرفية، التي يمكن أن تقوم بها أية جمعية صغيرة أو اتحادات فنية وأدبية؟ متى نتعلم أن دور المكتبة الوطنية أكبر من ذلك كله، كما هو في كل بلدان العالم، أي حفظ كنوز الذاكرة الجمعية والإرث العظيم للوطن من التلف، وليس الركض في دائرة الضوء والفراغ، الذي لا يفضي إلا إلى مزيد من فقد المكتبة الوطنية هويتها الأصلية. متى نعرف أن المكتبة الوطنية هي الصورة العليا لثقافة البلد ولقياس حساسيته التنورية وتنظيمه واستفادته من المنجزات العالمية والإنسانية في مسألة الكتاب؟ مخزن حي لتجميع الإرث والممارسات الثقافية المتنوعة، التي لا تموت وتبين حياة أمة ومقاومتها الثقافية حتى في أقسى الظروف وأصعبها. المتأمل لمكتبتنا الوطنية والمتجوّل في طوابقها وقاعاتها، سيصاب بالصعقة. ما وظيفتها طوال كل هذه السنوات؟ هل هي دار كبيرة تتقاتل فيها المصالح الدفينة لم تؤد إلا إلى العطالة؟ هناك مشكل تسيير حقيقي فرض عليها قبل سنوات عديدة. لا أتحدث عن وضعها الحالي، لأن الخراب الذي لحق بها سابقا يعطل أية حركة فيها وتحتاج إلى إعادة نظر كلية، تصليح الخراب الذي لحق بوظيفتها الأساسية. انتابتني هذه الأسئلة وأنا أزور في الأيام الأخيرة مكتبة فرنسا الوطنية، ومكتبة الإسكندرية العظيمة أو ببليوتيكا ألكسندرينا، كما كانت تسمى. أحتفظ بالمقارنة مع المكتبة الفرنسية لأن النسبة غير واردة، والفوارق ضوئية، مع أنه كان يمكن أن تستفيد مكتبتنا الموقّرة من تنظيمها، ومن قوتها الكبيرة، بالخصوص فيما يتعلق بالرقمنة والتنظيم الآلي، وتحديد الوظائف وتجديدها بما يخدم التراث على الأمد المتوسط والبعيد، بدل الغرق في الخطاب الرنان، الذي يحل كل المعضلات بالفراغ، بينما الوضع الحقيقي كارثي إلى أقصى الحدود. لنقارنها بمكتبة الإسكندرية التي استفادت بفضل جهود مديرها النشيط والذكي، بنصف مليون كتاب من مكتبة فرنسا كهدية جعلت من المكتبة في لحظة واحدة مرجعا عظيما للباحثين والقراء، بفضل جهاز تسيير مكون من كل ما يمكن تخيّله من رجال عظام ومثقفين كبار ومتخصصين، وحرفيي الكتاب من العالم. ناهيك عن غنى إرثها، ورقمنة كتبها التي جعلت من كل راغب في كتاب مفقود، يكفيه أن يدخل إلى موقع المكتبة ليجد ضالته. هناك مكتبة ورقية ومكتبة افتراضية يمكنك أن تدخلها في أي بلد كنت. بل إن المكتبة اقتنت جهازا سيبدأ في التشغيل قريبا يسمح للقارئ بطباعة الكتاب الذي يشاء، في ربع ساعة، بنفس المواصفات الطباعية المعروفة، بغلافه وبكل ما يحيط به من تقنيات تجعل الكتاب في متناول القارئ بسعر رمزي. هناك عقل خلاق يعرف جيدا وظيفته وما عليه القيام به. لا أتحدث عن تنظيم المخطوطات. فما زلنا في مكتبتنا نشتغل بمنطق الدفن والتوابيت. الحفظ لا يعني الدفن ولكن الاهتمام وإيجاد الوسائل لتوصيل المعرفة إلى كل الأجيال. المخطوطات في مكتبة الإسكندرية، تخرج من مخابئها الباردة، وتوضع تحت تصرف القارئ عن طريق الميكروفيلم، ورؤيتها في أصولها، من وراء زجاج سميك، وتحت ضوء دافئ لا يؤذي هشاشتها. ناهيك عن صالة القراءة التي تعتبر واحدة من أهم مكتبات العالم التي تعطيك الإحساس بأنك في الهواء الطلق، لأن الأسقف الجانبية كلها زجاج مفتوح على الشمس. كل النشاطات الدورية والمحاضرات والندوات تدور في الأصل حول الحفظ، وتقنيات الكتاب والمشاريع العالمية والقراءة العامة. لا توجد أية نزعة تنشيطية، التي توكل عادة لمكتبات الأحياء. مكتبتنا الموقّرة نست وظيفتها وظل جمهورها الوحيد هو كاميرات التلفزيون أكثر من جمهورها الفعلي. حتى جهود الأستاذ الدكتور عيسى وموسى، مديرها الأسبق، أوقفت في منتصفها بعد أن أسس المكتبة المتنقلة Bibliobus، اغتصبت، ودمرت وأفرغت من معناها وتحولت إلى استعراضات أكثر منها عمل في مصلحة القراءة العامة. مازلنا بعيدين عن المقاييس العالمية في تنظيم المكتبات الوطنية الكبرى ووظيفتها العليا والسامية؟ نحتاج أولا إلى ترميم كل التدمير الذي لحق بوظيفتها في السنوات الأخيرة، وجرد النقائص التي جعلت من مكتبة وطنية، تصغر حتى تصبح تنافس مكتبات الأحياء. ننتظر أن تتعافى المكتبة الوطنية باستعادة وظيفتها النبيلة بحثا عن مسلك يضعها على رأس الهرم الثقافي، وتقوم الاعوجاج القاتل والمر الذي بنيت عليه. فكرة إدخال أفلام أرشيف السينما، إلى المكتبة الوطنية مؤخرا، واحدة من أجود وسائل استعادتها لوظيفتها المسروقة. المكتبة الوطنية بحفظها للميراث الوطني الحي، هي وجه الأمة الثقافي. الانطلاقة تبدأ من هنا، من تصليح الخراب الذي ألحقته بها السنوات الماضية، واستعادة وظيفتها الأصلية.

     المصدر : واسيني الأعرج
    2010-04-19

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 5:47 pm